هل المغاربة يواجهون ” أزمة قيم “؟

كيف تحولت سلوكيات المغاربة ؟؟ سؤال بات يتردد بقوة لدى المختصين في علم الاجتماع، رغم ان الدراسات في هذا الجانب تبقى ضعيفة خلال العقدين الآخرين، بسبب عدم الانكباب على دارسات تفصيلية بهذا الجانب، كما ان الباحثين ومعهم الطلاب لم يعد هناك اهتمام بهذا الموضوع الذي بات يفرض نفسه داخل المجتمع ( الأسرة والمجتمع) سنحاول من خلال البحث ان نقدم لقراء الجريدة، لمحة مبسطة حول تلك التحولات وتداعياتها على الفرد والمجتمع، وكيف يمكن معالجتها او التنبيه لها، من اجل مجتمع متماسك بقيمه وأخلاقه.

– المغاربة والأخلاق

المجتمع المغربي هو مجتمع مسلم، لكن مقابل ذلك يطرح التساؤل لماذا لا تنعكس مظاهر التدين على سلوك المغاربة ومعاملاتهم، ما هي أسباب ابتعاد المغاربة في شقهم الاجتماعي عن قيم التدين ؟؟

ولعل الحديث الشريف للرسول محمد صلى عليه وسلم والذي يقول في موضوعه ان جاء ل ” ليتمم مكارم الأخلاق ” وهو ما يؤكد ان الأخلاق مرتبطة بالدين ولا تنفصل عنه.

خلال شهر رمضان الماضي، بحكم انه شهر العبادات بامتياز، يلاحظ المواطن بشكل يومي سلوكيات خلال شهر الصيام، والذي يعد فرصة لتهذيب النفس وتزويدها بالتقوى وما يقرب العبد إلى خالقه، لكن مقابل هذا يلاحظ انه مهما ان المساجد تمتلأ عن آخرها في هذا الشهر عكس الشهور الاحدى عشر يتسائل ما السبب؟؟ هل بات المغاربة في دينهم الحنيف يعيشون ازدواجية ؟؟؟

ويعد تمكين الأخلاق في سلوكياتنا اليومية عن طريق الدين، هو الأساس لمواطن صالح لاسرته ووطنه، فالملاحظ الآن هو ان ” المدرسة والمسجد” بحكم أنهما مؤسستين غير منفصلتين في اداءهما التربوي والتثقيفي لم يعد بمقدورهما محاصرة وإصلاح هذا الاعوجاج السلوكي للأفراد، بل اصبح اي مواطن مهتم لا يرى نتائج إيجابية لهاتين المؤسستين، هناك من سوف يقول ان الأسرة هي اللبنة الأولى او الحاضنة الأساسية لنمو أخلاق الأفراد، وهذا ما تسير فيه عدد من الاراء ، لكن هل يمكن القول ان الأسرة بدورها تتحمل المسؤولية كاملة؟؟ .

– تحولات مجتمعية

سبق للمفكر المغربي المهدي المنجرة ، قد اصدر كتابا مهما يتحدث عن ” أزمة القيم” ولعل هذا الكتاب قد لامس بشكل دقيق ما يكابده المجتمع من تداعيات هذه الأزمة ( القيم ) وخطرها على مستقبل الأفراد والمجتمع بشكل عام .

ودون الخوض في الأسباب الكثيرة ، التي جعلت المغاربة يتغيرون في سلوكياتهم، فلا يمكن محاصرة او علاج هذه الظواهر التي نشاهدها يوميا بداخل شوارعنا وكذلك داخل البيوت، فالجميع اليوم بات متخوف على الأجيال القادمة، فالظواهر السلبية كثرث وتأثيراتها بدأت تنمو بشكل سريع .

ويمكن ان البعض سوف يربط جوابه على ما يقع اليوم بالجانب الاقتصادي وتأثيره على الأفراد، لكن هذا التحليل خاطئ جدا رغم شيوعه امام المغاربة ، فخلال العقود الأربعة الماضية، كيف كانت المغاربة يعيشون، مستوى دخل بسيط جدا ، لكن الأسر والأفراد متماسكون، فلا وجود لمظاهر تخيف لما يقع الآن بالشوارع ، لان الأسر كانت متماسكة ، والأفراد ملتزمون في مهامهم داخل ( الأسرة المسجد المدرسة ) وكانت وطنيتهم قوية، وتماسكهم مثين، اليوم تغير كل شيء أصبحت كل مؤسسة داخل المجتمع لا تؤدي وظيفتها بشكل المطلوب، يمكن ان نقول ما يشبه ( ثورة في السلوك المجتمعي ).

هذه التحولات كانت لها آثار سلبية على المغاربة ، منها أنها جعلت عددا منهم متقوقعين على انفسهم بعد ان سادت ( الذاتية ) في السلوك اليومي ، واصبحت المسؤولية داخل الأسرة والمجتمع غير ملزمة .

– مجتمع لا يرحم

عادة ما يردد المغاربة هذه” العبارة ” المجتمع لا يرحم ، وهي إشارة إلى السلوكيات السلبية التي يعيشها الآن الافراد في مجتمعهم ، مراكز الشرطة ممتلئة بضحايا وكذلك المحاكم ، اي مكان تطأ فيه قدمه لابد ان تصادف مظاهر مشينة ( المستشفيات الأسواق الإدارات ) ، الشارع والفضاءات العامة كذلك سلوكيات مشينة من عبارات خادشة للحياء، كل ذلك خلاصات امام أعين الأفراد والمجتمع ، هل هذا هو المواطن التي يمكن ان يمسك المشعل ويربي الأجيال القادمة .

– ماهي الحلول الممكنة ؟

ان ما يقع اليوم من تغيير في سلوكيات المغاربة ، يمكن تلخيصه في ثلاث مقولات مشهورة ، أولاها للراحل الملك محمد الخامس ” نحن خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ” والثانية للزعيم التاريخيّ للهند ” مهاتما غاندي ” الذي قال قولته الشهيرة ” الإرادة تحطم المستحيل” .ثالثهما للمفكر لينين في كتابه المشهور ” ما العمل؟؟”.

من البديهي ان الفرد الصالح هو اللبنة الأساس لبناء المجتمع ، فدولة اليابان مثلا لا تتوفر على موارد طبيعية ولكن موردها الأساسي والمتجدد هو البشر ، فلا يمكن للمغاربة اليوم ومستقبلا تحقيق تنمية منشودة دون ان يكون الانسان هو محورها الرئيسي، فتأجيل الانسان المغربي هو السبيل الواحد والأوحد لتحقيق المستقبل، تأمين بيئته، العناية به، تأهيله وتكوينه وفق مناهج مضبوطة، تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، ان يكون الفرد هو محور كل السياسات المستقبلية .

– كيفية تغيير السلوك وفق دراسات

تعديل السلوك يُعرف باللغة الإنجليزية بمصطلح Behavior Modification، هو عبارةٌ عن إعادة تأهيلِ وتوجيهِ سلوك الأفراد عن طريق مساعدتهِم على التخلي عن سلوكٍ مُعين، والعمل على تطبيقٍ سلوكٍ جديد. يعرف أيضاً بأنّه العملية أو الوسيلة التي تُساعد على تقويم السّلوك الفردي، بالاعتمادِ على مجموعةٍ مِن القواعد التي تُنظّم سُلوك الفَردْ مِن خلالِ تطبيق العديد مِن التغييرات الفكرية والاجتماعية التي تُساهم في تعزيزِ السُّلوك الجديد والتَخلّص مِن السُلوك القديم، ويطلق على الشخص الذي يقوم بتطبيق تعديل السلوك مُسمّى مُعدّل السلوك، وعادةً يكون معالجاً أو طبيباً نفسياً. فيديو قد يعجبك: أنواع تعديل السلوك يعتمد تطبيق تعديلِ السلوك على معرفةِ وتحديدِ نوع السّلوك المؤثر على شخصيةِ الفرد، والذي يُقسم إلى النوعين التاليين: السلوك الاستجابي: هو السلوك الذي يرتبط بوجودِ مجموعةٍ من المحفزات، أو العوامل التي تؤدي إلى حدوثهِ عن طريق تأثر الأشخاص به، فمثلاً: عند تقطيع البصل تستجيب العين للمؤثرات المنبعثة منه، مما يؤدي إلى التأثير على القناة الدمعية، وينتج عن ذلك خروج الدّموع من العيون. السلوك الإجرائي: هو السّلوك المرتبط بتأثيرٍ مُحيطٍ بالفرد، ويدفعه لتغيير سلوكه المُعتاد خلال استمرار تأثير السلوك عليه، كالتأثيرات الاقتصادية، والسياسية، وغيرها، ومن الأمثلة على السلوك الإجرائي: تخفيض المنشآت لمصروفاتها خلال فترة زمنية محددة في حال معاناتها من أزمةٍ اقتصاديةٍ. خصائص تعديل السلوك يتميز تعديل السلوك بمجموعةٍ من الخصائص، وهي: التنبؤ: هو القدرة على معرفة طبيعة السّلوك قبل حدوثهِ، من خلال ربطهِ مع مجموعةٍ من العوامل المُؤثرة على شخصيةِ الفرد، فيدرس مُعدل السلوك شخصية الفرد، ويحدد طبيعة تأثره في العوامل المحيطة فيه كي يتنبأ بالسلوك المناسب الذي يساعده على التخلّص من السلوك الحالي. الضبط: هو إعادة بناء الأحداث التي تسبق صدور السلوك عن الفرد، فيُساعد مُعدل السُلوك في التخلصِ من المؤثرات السلبية المرتبطة بالسلوك، وتغييرها إلى سلوكٍ إيجابي. القياس: هو تحديد مدى تأثر الفرد بالسلوك الذي يجب تعديله عن طريق تدوين مجموعةٍ من المُلاحظات والأفكار حول طبيعة السّلوك من أجل الوصول إلى وضع حلولٍ تساعد على تعزيز تطبيق سلوكٍ جديد. خطوات تعديل السلوك يعتمد تطبيق تعديل السلوك على الخطواتِ التالية: تحديد السلوك الذي يجب أنْ يتم تعديله، أو التخلص منه عن طريق معالجته. وضع مجموعة من الأفكار التي تهتم بدراسةِ طبيعة السّلوك بالاعتماد على متابعة الفرد، والإصغاء له أثناء فترة العلاج. طلب المساعدة والتعاون من أفراد عائلة الفرد من خلال سؤالهم مجموعةً من الأسئلة حول السلوك الذي يجب تعديله. كتابة خطةٍ تنظيميةٍ لتحديدِ طبيعةِ العلاج المُتبع في تعديل السلوك، والطرق والوسائل التي سيتم استخدامها من أجل تقويمه بأسلوبٍ صحيح. تقييم النتائج التي تم التوصل لها عن طريق متابعة طبيعة تغير سلوك الفرد من خلال سؤاله شخصياً، وسؤال الأفراد المحيطين بهِ، والاعتماد على دراسة مدى استمرارية تأثير مُحفّزات السلوك السابق على شخصيتهِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى