“الكابرانات” و”عُقدة الخريطة المغربية”

ماروك 4_ الرباط

إن المبدأ القائم في العلاقات الدولية يقتضي احترام سيادة الدول، وعندما نتكلم هنا عن السيادة نتكلم عن الدولة الحديثة التي لها الكلمة العليا واليد الطولى على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه، وهو المبدأ الذي يجب على باقي الدول احترامه والاعتراف به وعدم المساس به والذي يقوم أساسا على سياسة عدم التدخل في أي شأن داخلي لأي دولة، وعدم المساس بنظامها السياسي أو الاجتماعي وعدم التطاول على أي شبر من ترابها الإقليمي.

لكن هذا المبدأ وحسب رأي محللين لم يجد طريقه لدى ” الكابرانات” الذي لم يقفوا يوما من الأيام دون النيل من استقرار المغرب ووحدته الترابية، بل وأعلنوا صراحة وبوجه مكشوف بأنهم طرف رئيسي في النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، بعد أن ظلوا لسنوات مختبئين يناورون من تحت الدف.

فمع كل يوم يتضح جليا أن حكام الجزائر من الكابرانات لهم اليد العليا في هذا الصراع المفتعل، بيد أنهم “اختلقوا” كيانا وهميا ومنحوه الشرعية ووقفوا وراءه دبلوماسيا وعسكريا وماليا لتمرير أجنداتهم الرامية إلى “سرقة” جزء من جغرافية المغرب بهدف عزل الأخير عن عمقه الإفريقي وحشره بين واجهتين أطلسية وأخرى متوسطية والتحكم فيه، وهي سياسة “كابرانية” لم تعد تخفى عن أحد، بل أضحت سياسة واضحة وضوح الشمس بعد أن كانت في السابق تُدار داخل الكواليس بمسميات عدة ” الحياد والوقوف على مسافة واحدة بين طرفي النزاع وغيرها من المصطلحات المفبركة”، والتي ومع مرور الزمن انكشفت نوايا من هندسوا لها وأنفقوا الغالي والنفيس من عائدات البترول والغاز وتركوا الشعب في طوابير طويلة ومملة ينتظر قطرة حليب أو كيس عدس وحمص جاف….نعم انكشفت النوايا، وبلغت الوقاحة بالكابرانات إلى محاولات بائسة ل”حجب الخريطة المغربية” عن واجهة الأحداث بغرض طمس الحقائق و”إلهاء” الشعب الجزائري الشقيق وصرف أنظاره عن المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها البلاد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

لقد أصبحت لعبة “الكابرانات” لعبة مكشوفة وأسطوانة مخرومة وطريقة بدائية متجاوزة، بل هي مؤامرة ضد الشعوب المغاربية، وهذا المشهد السينمائي المتمثل في “حجز فريق كروي” ومنع لاعبيه من ارتداء قمصانهم، ماهي إلا ردة فعل تكشف بالملموس تخبط حكام الجزائر بادعائهم للحياد في الصراع المفتعل، ليبقى السؤال قائما: “هل بهذه الممارسات تكون الجزائر قد فقدت مقومات الدولة في عهد الكابرانات؟ ذلك ما يستوجب من الشعب الجزائري الشقيق الانتباه إليه والتفكير فيه.

الكابرانات وعقدة ” الخريطة المغربية”، معادلتان متلازمتان تتطلبان وقفة تأمل وتمحيص وتدقيق وتحليل في ” صدقية حكام الجارة وأهليتهم في تدبير شؤون البلاد” وهل فعلا يتمتعون بالأهلية وشروط ومقومات النظام الحاكم، أم أنهم ” شيوخ بعقلية استعمارية وحقد دفين” يمارسون سياسة الهاء الشعوب وإثارة النعرات والنزاعات بهدف الاستفراد بالحكم وبالتالي السيطرة على خيرات البلاد بدل تقاسمها مع شعبهم الذي يرزخ تحت طائلة ” الفقر في بلاد الغاز”.
عقدة ” الخريطة المغربية” لم تقف عند قمصان فريق نهضة بركان، بل أضحت سنة متواترة عند الكابرانات، بل أخذت طريقها في التوسع بعد قرار المنتخب الجزائري لكرة اليد لأقل من 17 سنة الانسحاب من البطولة العربية المقامة في المغرب.. هل إلى هذا الحد باتت الخريطة المغربية مزعجة للكابرانات؟

ليكن في علم ” الكابرانات” أن المغرب ماض في سياسته الاستراتيجية المبنية على حسن الجوار واليد الممدوة، وهي السياسة التي أكسبته ثقة المجتمع الدولي، وجعلت العديد من الدول تراجع حساباتها وتعي كل الوعي بأن الصحراء أرض مغربية، وأن الجزائر طرف رئيسي في المعادلة وهي تحاول ” الجزائر” تضليل الرأي العام الدولي من خلال التسويق لنزاع مفتعل تريد من ورائه السطو على أرض مغربية بمسميات عدة.

ليكن في علم الكابرانات، أن ملف الصحراء المغربية قد حسم نهائيا، وأن المغرب قد رسم بعدا استراتيجيا يروم تطوير مشروعه الديمقراطي المرتكز على الجهوية الموسعة ومنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية، وتفعيل الدبلوماسية الشعبية وإشراك المجتمع المدني في تدبير قضية تهم كل المغاربة، وجعل من الصحراء المغربية بوابة لكافة الأفارقة الأشقاء للعبور والاستثمار، تفعيلا للخطاب الملكي السامي لذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء والذي ركز فيه جلالته بالقول:“إذا كانت الواجهة المتوسطية تعدّ صلة وصل بين المغرب وأوروبا، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو أفريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأميركي”، مضيفا أنه “من هنا يأتي حرصنا على تأهيل المجال الساحلي وطنيا، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، وكذا هيكلة هذا الفضاء الجيوسياسي على المستوى الأفريقي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى