
بعد مجازر العشرية السوداء.. نظام شنقريحة يكافئ الجنرال حسان برئاسة الاستخبارات
ماروك 4
في مشهد جديد يكرس الارتباك داخل الأجهزة الأمنية الجزائرية، أقدم النظام العسكري يوم الأربعاء 21 ماي على إعفاء اللواء عبد القادر حداد، المعروف بلقب “ناصر الجن”، من منصبه على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI)، بعد أقل من عام على تعيينه، ليحل محله الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، الشهير بـ”حسان”، أحد الأوفياء للجنرال المتقاعد والمثير للجدل محمد مدين، المعروف بـ”توفيق”.
عودة مثيرة للجدل… من السجن إلى رأس الجهاز الأمني
المثير للدهشة أن “حسان”، الذي يتسلم اليوم واحدًا من أكثر المناصب الأمنية حساسية في البلاد، سبق أن سُجن بتهم خطيرة، تتعلق بتهريب أسلحة وتسريب معلومات عسكرية. لكن في منطق النظام الجزائري، يبدو أن الماضي الإجرامي لا يمنع من الترقية، بل قد يكون شرطًا لها!
تسريبات بدل الشفافية
كالعادة، لم يملك النظام الشجاعة الكافية لإعلان القرار عبر قنوات رسمية، واختار أسلوبه المفضل: تسريبات مُوجَّهة على وسائل التواصل، تتبعها بيانات باهتة تؤكد الخبر بعد انتشاره، في مشهد يفتقر لأدنى معايير الشفافية في إدارة الشأن العام.
أجهزة أمنية بلا بوصلة
القطاع الاستخباراتي في الجزائر يعيش فوضى غير مسبوقة منذ خمس سنوات، مع تناوب أكثر من 15 جنرالاً على قيادة ثلاث مديريات استخباراتية رئيسية، في ما يشبه مختبر تجارب فاشلة، يعكس غياب الاستقرار والتخطيط داخل الدولة.
الوجوه القديمة تعود… وتوفيق ما زال يحكم من الظل
“ناصر الجن” و”حسان” وغيرهم ليسوا سوى بقايا جهاز DRS القمعي، الذي كان يديره توفيق بقبضة حديدية لعقود. واليوم، تعود هذه الشبكة الأمنية المعروفة بـ”رجال توفيق” إلى الواجهة، بعد سنوات من الادعاء بتفكيكها، في دلالة واضحة على أن السلطة الحقيقية لم تغادر أيدي الجنرالات.
من مجزرة عين أميناس إلى قيادة DGSI
عودة “حسان” ليست مجرد إجراء إداري، بل صفعة للعدالة والذاكرة. فهو العقل المدبر لعملية تحرير رهائن عين أميناس سنة 2013، والتي تحولت إلى مجزرة دموية راح ضحيتها عشرات الأبرياء، ووصفتها تقارير دولية بأنها عملية عشوائية وغير مهنية.
لا محاسبة.. بل مكافأة
رغم التهم الثقيلة التي طالته، اكتفى النظام بسجن “حسان” لسنوات قليلة، قبل أن يعيده اليوم إلى موقع القرار، في تحدٍّ صارخ لأي مفهوم للمحاسبة أو الكفاءة. وهو ما يفضح حقيقة “الإصلاح” المزعوم، الذي لا يتجاوز تدوير نفس الوجوه الملطخة.
شبكة الجنرالات تُعاد تركيبها
عودة “حسان” تتزامن مع بروز أسماء أخرى من “شبكة توفيق”، مثل جبار مهنا وناصر الجن، وهي نفس الأسماء التي ظهرت في اجتماع المجلس الأعلى للأمن في يناير 2022، ما يعزز فرضية أن الجنرال توفيق لا يزال اللاعب الحقيقي في الكواليس.
انهيار أخلاقي ومؤسساتي
ما يجري لا يُعدّ مجرد تغييرات إدارية، بل هو ترميم لشبكة سلطوية فقدت شرعيتها، وتحاول اليوم إعادة إنتاج نفسها في غياب أي مشروع سياسي واضح، وباستخدام أدوات قمعية وأشخاص فقدوا مصداقيتهم.