
“الدم المشروك” يكشف أزمة استيراد السيناريوهات في الدراما المغربية
ماروك 4
تعيش الدراما المغربية أزمة حقيقية في كتابة السيناريوهات، حيث لم تعد بعض الأعمال تقتصر على الاستلهام من الأعمال الأجنبية، بل أصبحت تستورد السيناريوهات بالكامل وتعيد تغليفها بالملامح المحلية.
مسلسل “الدم المشروك” الذي يعرض على القناة الثانية خلال شهر رمضان هو نموذج صارخ لهذا التوجه. ورغم محاولات “مغربته”، فإن مكونات العمل – من القصة إلى الأزياء إلى الأجواء العامة – تكاد تعكس دراما صعيدية مصرية بشكل واضح، مما يجعل من الصعب تصديق أنه عمل مغربي.
سيناريو مستورد بتكييف ضعيف
وفقًا للمصادر المتداولة، فإن سيناريو “الدم المشروك” من كتابة الكاتبة المصرية هاجر إسماعيل، وقد تم استقدامه من مصر مع محاولات تكييفه ليتناسب مع السياق المغربي. ولكن، للأسف، كانت عملية التكييف سطحية جدًا، وظلت الملامح الأصلية للعمل واضحة، من الأزياء الداكنة التي تذكر بأجواء الصعيد المصري، إلى النبرة الدرامية الثقيلة التي تبدو بعيدة عن أسلوب الدراما المغربية المعتاد.
أين الأصالة والإبداع؟
يتساءل العديد من المتابعين: هل أصبح المغرب عاجزًا عن إنتاج سيناريوهات محلية تعكس قضاياه الاجتماعية وهويته الثقافية؟ المغرب، الذي يزخر بالتاريخ والثقافة والقصص المحلية الغنية، لماذا يفضل منتجوه اللجوء إلى سيناريوهات مستوردة؟ هل هو استسهال من شركات الإنتاج أم عدم وجود كتّاب محليين قادرين على تقديم أعمال فنية تنافسية؟
صحيح أن هناك أزمة في صناعة السيناريو بالمغرب، حيث تتكرر القصص نفسها وتغيب الحبكة المدروسة والحوار العميق. لكن الحل لا يكمن في استيراد القصص، بل في دعم الكتاب المحليين وتوفير منصات للأصوات الإبداعية الشابة التي يمكن أن تقدم أعمالًا تميز الدراما المغربية.
الجمهور أصبح أكثر وعيًا
المفارقة الأكبر هي أن الجمهور المغربي أصبح يدرك تمامًا هذه الحيل ولا ينخدع بها. المشاهدون لا يخفون وعيهم بأن “الدم المشروك” ليس عملًا مغربيًا أصيلًا، بل هو مجرد دراما مصرية تمت تكييفها لتناسب السياق المغربي بشكل مصطنع.
بدلًا من جذب الجمهور إلى هذا العمل “المختلط”، يشعر المشاهدون بالغربة تجاهه، لأن الهوية الفنية الحقيقية لا تبنى عبر تعديلات سطحية، بل من خلال تقديم محتوى عميق ومتماسك يعكس ثقافة المجتمع وواقعه.
هل نحن أمام دراما بلا هوية؟
ما يحدث مع مسلسل “الدم المشروك” ليس مجرد حالة استثنائية، بل هو تجسيد لمشكلة أوسع في الدراما المغربية. إذا استمر هذا الاتجاه، فإننا قد نشهد مرحلة تتحول فيها الدراما المغربية إلى مجرد إعادة تجميع للأعمال الأجنبية، يتم إنتاجها في الخارج ثم تُلبس زيًا مغربيًا زائفًا.
هل هذا هو المستقبل الذي نطمح إليه للفن المغربي؟ أم أن الوقت قد حان لإحداث ثورة حقيقية في الكتابة الدرامية، حيث نعيد اكتشاف الأصالة ونمنح الفرصة للمبدعين المحليين لإنتاج أعمال تنبض بالحياة وتتناسب مع ذوق الجمهور المغربي؟