نزار خيرون: الندوة الأسبوعية.. الكبوة المتتالية للحكومة

أبانت حكومة 8 شتنبر عن فقدانها للبصيرة السياسية والتواصلية، وما عشناه من قضايا متتالية يؤكد ذلك بالملموس، فلا هي قامت بدورها في التواصل مع المواطنين وطمأنتهم بخصوص الأزمات المتتالية التي نعيشها ولا هي قامت بواجبها كمؤسسة من مؤسسات الوساطة، ولا هي دافعت عن نفسها أمام هذا السيل الجارف من الانتقادات والجو السلبي الذي تصنعه أفعال وأقوال أعضائها.

 

وأفتح قوساً هنا لأشير إلى أنني لا أمارس المزايدة على الحكومة ولا أتحدث بمنطق السياسوية، كما أنني لا أمارس المعارضة باعتباري منتميا لحزب مُعارض، وإن كان ذلك حقا مشروعا وفقا لمبادئ الديمقراطية ومضامين الدستور والأعراف السياسية، أو المعارضة من أجل المعارضة، على العكس بل أتحدث من منطلق موضوعي وواقعي، متفاعلاً مع الأقوال والأفعال الصادرة عن هذه الحكومة.

 

وعلى سبيل المثال تلك الندوة الأسبوعية التي من المفروض أنها مخصصة لبسط التوضيحات وتقديم الأجوبة على أسئلة الرأي العام والمفروض أيضاً أنها محطة لتقدير المواطن واحترامه، لا يُعقل أن تتحوّل إلى منصة لاحتقار المواطنين والصحفيين والتغابي عليهم واعتبار كل ما يطرحونه مزايدة، حتى وصل الأمر في أكثر من مرة إلى المراوغة والقفز على الأجوبة -حتى لا أقول التدليس-، فيكون السؤال في المشرق ويكون الجواب في المغرب، فضلاً عن تقديم أجوبة متعجرفة ومستفزة بل أحيانا صادمة لكونها مغلوطة ولا تتناسب والواقع، وبشكل انفعالي لا يليق بمن يمثل الحكومة فالأحرى أن يكون ناطقا رسميا باسمها.

 

يجب على الحكومة، بجميع أعضائها، أن تعيد النظر وتعطي تلك الندوة المكانة اللازمة، لكونها حلقة الوصل الوحيدة بينهم وبين المواطنات والمواطنين، في ظل البُخل التواصلي الذي يجود به علينا السيدات والسادة الوزراء، كما أنها مناسبة للدفاع عما تقوم به الحكومة، ويُمكن جعلها نقطة قوة في التواصل السياسي والمؤسساتي لكن مع الأسف إلى الآن لا تعدو أن تكون كبوة بل نقطة ضعفٍ كبيرة جدا، بسبب عدم الالتزام بقواعد التواصل ولا باللباقة المفروض أن يتسم بها المسؤول الحكومي ولا بالجرأة المطلوبة في رجل السياسة، ما يجر على الحكومة انتقادات متواصلة.

 

وأهمسُ هنا في أذن الناطق الرسمي باسم الحكومة، بأن يتصرّف على سجيته وأن لا يُحاول تقليد شخصٍ غيره، ذلك أن حركات يده ومحاولة الارتجال التي يرواد نفسه للقيام بها، تفضحه ولن يصل إلى مستوى الرجل الذي يريد تقليده، تماماً ذاك هو، مصطفى الخلفي، فلا مجال للمقارنة مع وجود الفارق، والبونُ بينه وبين الخلفي شاسعٌ جدا.

 

أخيراً، فإن الحزب الذي يترأس الحكومة اليوم قام بتسويق نفسه ،قبل الحملة وأثناءها، بأنه حزب الكفاءات التي ستخلِّص المغرب من كل الشرور والأزمات، مستغلا ظرفية كوفيد والإجراءات التي قررتها الحكومة آنذاك والتي كان هو جزءاً أساسيا فيها، ومستغلا عدداً من القرارات التي كان من المفروض أن تصدر وبقيت حبيسة رفوف مكاتب وزرائه عمداً، حتى يسوق لنفسه البديل الأوحد، غير أنه منذ أن تولت هذه الحكومة شؤون المغاربة حتى صرنا لا نخرج من أزمة إلا وندخل في أخرى، فعشنا أياما أسوء من أيام’’الكوفيد’’، ولم نلمس أي كفاءة، لأن الكفاءة الحقيقية هي التي تُبدع الحلول وقت الأزمات، غير ذلك لا يعدو الأمر سوى ترقيعات بالجُملة.

زر الذهاب إلى الأعلى